الجمعة، 17 فبراير 2012

الفن السابع يعود للحياة بعد سبات عميق

تم نشر في 26 / 09 / 2011

محافظ الديوانية : رسالة الفنان أقوى وأعمق من جميع الرسائل

فنار/الديوانية / تحسين الزرگاني

بعد أن تراكم عليها التراب وتهرأت مقاعدها وتحولت صالاتها لمخازن يملأها الغبار ، تسعى وزارة الثقافة العراقية لإعادة الحياة ثانية إلى الفن السابع بعد أن طال به السبات وغاب عنه المبدعون والمثقفون والجمهور ، أملا في أن تنتعش البلاد لتقرأ رسالة غابت عن الساحة خلال السنوات الماضية لعدة أسباب يراها المراقبون إنها نتيجة عجز الوزارة في دعم العاملين بهذا المجال . وتحت شعار (بالحب والسلام ننبذ العنف) تقيم منظمة السينما المتنقلة برعاية دائرة السينما والمسرح وبالتعاون مع دائرة العلاقات الثقافية العامة في وزارة الثقافة مهرجان السينما المتنقلة الثالث في عدد من محافظات الوسط والجنوب بعد أن تم إحيائه في محافظات كردستان العراق .

وقال محافظ الديوانية سالم حسين علوان في كلمة افتتاح المهرجان إن رسالة الفنان أقوى وأعمق من جميع الرسائل ، فهو القادر على رسم الأشكال الجميلة النابعة بالحب والأمل لوطن طالما مزقته الأحزان ، وحين نقف أمام مشهد من مشاهد الأدب والثقافة والفن بأنواعه وألوانه الجميلة خاصة الفن السابع (السينما) فأننا نقف باحترام وتقدير لما له من قابلية في دمج الخيال مع الصورة الحقيقية لتوصل رسالة المحبة والعطاء والتضحية لأي جانب من الجوانب وتوظف لما فيه خير العراق والعراقيين ولا يمكن لهذه الرسالة أن تكتمل من غير الإبداع رغم حجم الحرمان الذي يعانيه المبدعون ، وقد يكون هذا الحرمان دافع رئيسي للمبدع وهو ما نشاهده من خلال نتاجات الفنان العراقي وإبداعه .وأشار علوان إلى أن السينما العراقية عانت خلال السنوات الماضية من التغييب بل وصلت إلى مرحلة النسيان لدى البعض وقد تكون الأسباب متعددة لذلك منها الانتشار الواسع للقنوات الفضائية وما تغزر به الشاشات المنزلية وعكوف الشباب والمتذوقين على وسائل الاتصال الحديثة والانترنت والأقراص المدمجة ، إضافة إلى عدم الاهتمام بصالات العرض التي شهد العالم فيها قفزات كبيرة حتى وصلت إلى شاشات ثلاثية الإبعاد في الوقت الذي تعرض أفلامنا على قطع القماش .علوان أكد دعمه لهذه المشاريع السينمائية وإمكانية تبنيها من قبل المحافظة لإعادتها للحياة مرة أخرى بعد سباتها الطويل ومراعاة إصرار الفنان العراقي على البذل والعطاء من أجل رسالته في بناء العراق

تجربة جديدة

 من جهته قال مدير المهرجان حميد الرماحي في كلمته من جبال كردستان عاد قطار مهرجان السينما المتنقلة محملاً بنتاج المبدعين من تلك الجبال ليمتزج بإبداع البصرة الفيحاء وبابل الحضارة والديوانية فتاة الفرات بشعار (بالحب والسلام ننبذ العنف ، بالحب والسلام نبني عراقنا الحبيب ونصنع السلام من أجل غذ أفضل . وبين الرماحي في حديث خاص أن الديوانية ثاني محطة بعد محافظة البصرة وستكون الوقفة الثالثة في بابل ، مشيرا أن الغاية من نزول الفنان بعمله السينمائي إلى الشارع بسبب انحسار صالات العرض السينمائي في جميع المحافظات العراقية منذ زمن بعيد قبل الحرب العراقية الإيرانية ومنها بدأت السينمات العراقية تضمحل ، في وقت أخذت دور العرض السينمائي في العالم تقفز نحو الشاشات ثلاثية الأبعاد واستخدام التقنيات الحديثة وطريقة العرض ومدته وإنتاجه مما أدى لعزوف المشاهد عن دور العرض السينمائي في العراق وامتلاكها لأناس بعيدين عن الفن مما جعلهم يحولون تلك الصالات لمخازن مواد غذائية أو غير ذلك.الرماحي أوضح أن منظمة السينما المتنقلة بالتنسيق مع دائرة العلاقات العامة دائرة السينما والمسرح بوزارة الثقافة تبنت إقامة مهرجان مستمر للسينما المتنقلة للفلم الروائي القصير ابتدأ من أقضية ونواحي محافظة البصرة حيث عرض فيها مجموعة أفلام قبل سنتين ، وفي العام الماضي كانت الانطلاقة من أقليم كردستان بمدنه وقصباته ، وقررت أن أنقل التجربة لمحافظات الوسط والجنوب لدمج ثقافة الأقليم مع ثقافتنا لأننا شعب واحد لنا تاريخ واحد وحضارة واحدة ونهدف لغاية واحدة فمشكلة الجنوب ذاتها ترهق ابن الشمال وفرح الأكراد بسمة لباقي الأطياف التي تجمل العراق وتزيد من بريقه .وأشار الرماحي إلى فلم (الطيور) قصة وسيناريو وإخراج حميد الرماحي الذي بين آثار الإرهاب بالمواطن العراقي وتبعات الجرائم الوحشية بحق أبناء الشعب ، بعد قتل عامل بسيط دون ذنب ليرمل زوجته وييتم ولده الذي صار ضحية أخرى لهم بعد خطفه وتفخيخه وتفجيره بحزام ناسف وسط احد الأسواق الشعبية من ذات الزمرة التي قتلت الأب ، لتكون الأم مجنونة تتخبط في الشوارع بحثا عن ولدها .مؤكدا وصوله إلى قلب المشاهد خلال ثلاثين دقيقة لم أترك له فرصة الانشغال لثانية واحدة عن متابعة أحداث الفيلم التي أبكت كثيراً من الحاضرين إلى المهرجان لأن القصة والأداء نابعة من صميم حياته والمشاهد المتكررة على جميع العراقيين يوميا ، مضيفا أن تجربة جديدة تدخل على السينما العراقية والعربية وهي إقامة معرض تشكيلي بلوحات مستوحاة من الأفلام المشاركة بالمهرجان لأسماء فنية تشكيلية لها سمعتها وحضورها في العراق والوطن العربي. وأثنى الرماحي على وزير الثقافة والقائمين على دائرة السينما والمسرح ودائرة العلاقات العامة ، ودعم محافظ الديوانية لهذا المهرجان واستعداده لدعم هذه المشاريع التي من شانها أن تجعل العراق في مصاف الدول المتقدمة في صناعة الأفلام.

عودة الجمهور

المخرج الكردي شيرزاد هدايت يقول ان هذه هي زيارتي الأولى للديوانية وتفاجأت من الحضور والتفاعل الجماهيري على الصعيد الرسمي الحكومي والمواطنين رغم الظروف التي يمر بها أبناء المحافظة ، لكنهم أثبتوا من خلال حضورهم وتعاطيهم مع فعاليات المهرجان أنهم أهل ذوق وفن. موضحا أن إقليم كردستان شارك بأربعة أفلام لمهرجان السينما المتنقلة هي (الحامل، الوطن، خطوات الموت ،الشقوق) ،بعد زيارة فريق السينما المتنقلة لكردستان العراق وعرضها لأفلامها بالإقليم فرحبنا بالفكرة في نقابة الفنانين هناك وقررنا المشاركة معهم وعرض أفلامنا في الإقليم وباقي المحافظات العراقية ، هدايت بين أن فلمه (الحامل) والذي دافع من خلاله عن حقوق المرأة الشرقية وخاصة في المجتمعات القروية ، فالمرأة لا تستطيع البوح حتى بمرضها ، فقصة البنت تناولت أسرة فلاحية من أب وأم وولد وفتاة ، كان لها كلب تلعب معه يحمل فايروس الأكياس المائية الذي ينتقل من الحيوانات إلى النباتات ومن ثم إلى الإنسان ، وحين انتفخت بطنها راودتها الشكوك في حمل وهي لم تمس في حياتها ، وعندما لاحظ أخيها بطنها تكبر أغرقها في النهر متهما إياها بالفجور ، ولكنه عندما وقف في الطب الشرعي أخبرهم الطبيب بأنها مصابة بالأكياس المائية ، وهي رسالة أحببت إيصالها عن مجتمعاتنا الشرقية في أن تتعامل بتحضر وموضوعية بالأدلة مع المرأة وان لا تتهم جزافا لا لسبب بل لأنها امرأة ، وهذه المشكلة مشتركة ويجب علينا التعامل معها بجدية لتنال المرأة العراقية في الريف والمدينة وبجميع المحافظات حقها الإنساني وتؤدي واجباتها شأنها شأن الرجل شريكها في المجتمع .وأوضح هدايت أن هذه المهرجانات تقرب الثقافات وتزاوجها لينتج عنها لوحة فنية جميلة تمتلئ بالألوان المعبرة عن أطياف الشعب العراقي الواحد.

لمسة إبداع



مجانية مرافق الوفد أياد عبد الله كاظم يقول كانت فكرة المهرجان من وحي المخرج حميد الرماحي أراد بعد أن ينعش السينما العراقية بعد اندثارها ويعيد لها الحياة ، وكانت تجربة السينما المتنقلة لإيصال الأفلام إلى المشاهد وعرضها عليه أينما وجد بعد غياب صالات العرض ودور السينما في أغلب المحافظات ، فمن البصرة كانت الانطلاقة الأولى والثانية من كردستان واليوم يعود بالمهرجان الثالث ولمدة (21) يوما من أقليم كردستان لننتقل إلى محافظات الوسط والجنوب نعرض الأعمال في المقاهي والساحات العامة لنبين للمشاهد أن هناك من يسعى ليحافظ على الحياة في هذا المفصل الفني المهم على الرغم من الإمكانيات المادية البسيطة لكن لمسة الإبداع واضحة يمكن للمتلقي الإحساس والشعور بها مجانا.مستذكرا أحد العروض في كردستان حيث كان رجلا يترجم لأبنته أحداث الفيلم لأنها لا تعرف العربية والدموع تنهمر من عينيهما ، وهذا نابع من صدق الأحاسيس وقوة الإنتاج وقربه إلى الواقع وأفرحتنا تلك الدموع لأن نجاحنا تحقق من خلالها ونأمل في أن نستمر بالعطاء لإنتاج مثل هذه الإبداعات التي تحاكي آلام المواطن وتروي حكاياته من خلال دعم وزارة الثقافة ودائرة السينما والمسرح ودائرة العلاقات العامة ليعود الفن السابع في العراق من جديد .

دائرة العلاقات ابتعدت عن الناس

المخرج المسرحي منعم سعيد ” يرى أن هذه المهرجانات أمنية لكل المثقفين والمشاهدين في المحافظة ، متسائلا هل تمكن المهرجان من إيصال الرسالة التي نظم من أجلها وهل القائمين عليه أدوا الأمانة التي منحت لهم ،وهل ان دائرة العلاقات العامة في وزارة الثقافة لها علاقات بالناس أصلا بحيث توصل لهم الدعوات لمشاهدة هذه العروض .وأضاف أنني اليوم أستغرب في أن يكون لوزارة أربعة عناوين على لافتة رخيصة بالخط اليدوي وزارة الثقافة دائرة العلاقات العامة دائرة السينما والمسرح ووووو ، لماذا ؟ أليس لوزارة الثقافة إمكانية طباعة إعلان فيلكس أو إحدى الفضائيات ! هذه تسمى تمشية حال ليس إلا ، فمن شاهد المهرجان غير أربعة موظفين وصحفيين جاءوا من أجل تغطية مادة إعلامية فهل هذا هو لمهرجان ؟ وهل هذا طموحنا ؟ أن أسباب القطيعة بين المبدع ووزارة الثقافة هي الوزارة لأن المبدع لديه نص والجمهور متعطش للإبداع وهذا ما يشهد به الجميع خاصة من خلال المهرجانات التي أقيمت في الديوانية وكم كان الحضور ومن أي المستويات ، لكن الوزارة ابتعدت كثيرا عن هذه المشاهد بسبب نقص الإمكانيات وضعفها التي لا تمكنها من الصرف على لافتة في الوقت الذي تبذخ فيه على السكن والايفادات ، ليترك مهرجان السينما وما تعني هذه الكلمة التي هي العالم بأسره ، وهذا يعني أن خروجنا من زنزانة الإعلام الموجه لنقع في حبكة زنزانة توجه الثقافة والإعلام ، واليوم يتساءل المثقف هل نحن في وزارة ثقافة تغيرت تسميتها بالأمس من وزارة الإعلام لنعود لذات الاسم بطابع وسياسة جديدة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق